قال قام أبو بكر في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من الحجة عليهم في ذلك أنه قد روى هذا الحديث الذي قد ذكروه ولكن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته تلك تدل على أنه كان إماما وذلك أن عائشة قالت في حديث الأسود عنها فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يسار أبى بكر وذلك قعود الامام لأنه لو كان أبو بكر إماما له لكان النبي صلى الله عليه وسلم يقعد عن يمينه فلما قعد عن يساره وكان أبو بكر عن يمينه دل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الامام وأن أبا بكر هو المأموم وحجة أخرى أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال في حديثه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة من حيث انتهى أبو بكر ففي ذلك ما يدل أن أبا بكر قطع القراءة وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم فذلك دليل أنه كان الامام ولولا ذلك لم يقرأ لان تلك الصلاة كانت صلاة يجهر فيها بالقراءة ولولا ذلك لما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الموضع الذي انتهى إليه أبو بكر من القراءة ولا علمه من خلف أبى بكر فلما ثبت بما وصفنا أن تلك الصلاة كانت مما يجهر فيه بالقراءة وقرأ رسول الله فيها وكان الناس جميعا لا يختلفون أن المأموم لا يقرأ خلف الامام كما يقرأ الإمام ثبت بذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في تلك الصلاة إماما فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار وأما وجهه من طريق النظر فانا رأينا الأصل المجتمع عليه أن دخول المأموم في صلاة الامام قد يوجب فرضا على المأموم ولم يكن عليه قبل دخوله ولم نره يسقط عنه فرضا قد كان عليه قبل دخوله فمن ذلك أنا رأينا المسافر يدخل في صلاة المقيم فيجب عليه أن يصلى صلاة المقيم أربعا ولم يكن ذلك واجبا عليه قبل دخوله معه وإنما أوجبه عليه دخوله معه ورأينا مقيما لو دخل في صلاة مسافر صلى بصلاته حتى إذا فرغ أتى بتمام صلاة المقيم فلم يسقط عن المقيم فرض بدخوله مع المسافر وكان فرضه على حاله غير ساقط منه شئ فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الصحيح الذي كان عليه فرض القيام إذا دخل مع المريض الذي قد سقط عنه فرض القيام في صلاته أن لا يكون ذلك الدخول مسقطا عنه فرضا كان عليه قبل دخوله في الصلاة فان قال قائل فانا قد رأينا العبد الذي لا جمعة عليه يدخل في الجمعة فيجزيه من الظهر ويسقط عنه فرض قد كان عليه دخوله مع الامام فيها قيل له هذا يؤكد ما قلنا وذلك أن العبد لم يجب عليه جمعة قبل دخوله فيها فلما دخل فيها مع من هي عليه كان دخوله إياها يوجب عليه ما هو واجب على إمامه فصار بذلك إذا وجب عليه ما هو واجب على إمامه في حكم
(٤٠٧)