فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لمعاذ يدل على أنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل أحد الامرين إما الصلاة معه أو بقومه وأنه لم يكن يجمعها لأنه قال إما أن تصلى معي أي ولا تصل بقومك وإما أن تخفف بقومك أي ولا تصل معي فلما لم يكن في الآثار الأول من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ وكان في هذا الأثر ما ذكرنا ثبت بهذا الأثر أنه لم يكن من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك لمعاذ شئ متقدم ولا علمنا أنه كان في ذلك أيضا منه شئ متأخر فيجب به الحجة علينا ولو كان في ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر كما قال أهل المقالة الأولى لاحتمل أن يكون ذلك كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت ما كانت الفريضة تصلى مرتين فان ذلك قد كان يفعل في أول الاسلام حتى نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في باب صلاة الخوف ففعل معاذ الذي ذكرنا يحتمل أن يكون قبل النهى عن ذلك ثم كان النهى فنسخه ويحتمل أن يكون كان بعد ذلك فليس لأحد أن يجعله في أحد الوقتين إلا كان لمخالفه أن يجعله في الوقت الآخر فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار وأما حكمه من طريق النظر فانا قد رأينا صلاة المأمومين مضمنة بصلاة إمامهم بصحتها وفسادها يوجب ذلك النظر الصحيح من ذلك أنا رأينا الامام إذا سها وجب على من خلفه لسهوه ما وجب عليه ولو سهوا هم ولم يسه هو لم يجب عليهم ما يجب على الامام إذا سها فلما ثبت أن المأمومين يجب عليهم حكم السهو لسهو الامام وينتفي عنهم حكم السهو بانتفائه عن الامام ثبت أن حكمهم في صلاتهم حكم الامام في صلاته وكأن صلاتهم مضمنة بصلاته ولما كانت صلاتهم مضمنة بصلاته لم يجز أنه يكون صلاتهم خلاف صلاته فثبت بذلك أن المأموم لا يجوز أن تكون صلاته خلاف صلاة إمامه فان قال قائل فانا قد رأيناهم لم يختلفوا أن للرجل أن يصلى تطوعا خلف من يصلى فريضة فكما كان المصلى تطوعا يجوز له أن يأتم بمن يصلى فريضة كان كذلك يجوز للمصلى فريضة أن يصليها خلف من يصلى تطوعا قيل له إن سبب التطوع هو بعض سبب الفريضة وذلك أن الذي يدخل في الصلاة ولا يريد شيئا غير ذلك من نافلة ولا فريضة يكون لذلك داخلا في نافلة وإذا نوى الدخول في الصلاة ونوى الفريضة كان بذلك داخلا في الفريضة فصار يكون ذلك داخلا في الفريضة بالسبب الذي دخل به في النافلة وبسبب
(٤١٠)