وعلم عبد الله بن عمر رضي الله عنه عنهما وعبد الرحمن بن أبي بكر أن نزول هذه الآية كان نسخا لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله فانتهينا إلى ذلك وتركا به المنسوخ المتقدم وحجة أخرى أن في حديث بن إيماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رفع رأسه من الركعة غفار غفر الله لها حتى ذكر ما ذكر في حديثه ثم قال الله أكبر وخر ساجدا فثبت بذلك أن جميع ما كان يقوله هو ما ترك بنزول تلك الآية وما كان يدعو به مع ذلك من دعائه للأسرى الذين كانوا بمكة ثم ترك ذلك عندما قدموا وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أيضا في حديث يحيى بن كثير الذي قد رويناه فيما تقدم منا في هذا الباب عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه فذكر القنوت وفيه قال أبو هريرة رضي الله عنه وأصبح ذات يوم ولم يدع لهم فذكرت ذلك فقال أو ما تراهم قد قدموا علي ففي ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك القنوت في العشاء الآخرة كما كان يقوله في الصبح وقد أجمعوا أن ذلك منسوخ من صلاة العشاء الآخرة بكماله لا إلى قنوت غيره فالفجر أيضا في النسخ كذلك فلما كشفنا وجوه هذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت فلم نجدها تدل على وجوبه الآن في صلاة الفجر لم نأمر به فيها وأمرنا بتركه مع أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكره أصلا كما حدثنا علي بن معبد وحسين بن نصر وعلي بن شيبة عن يزيد بن هارون قال أنا أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق قال قلت لأبي يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي ههنا بالكوفة قريبا من خمس سنين أفكانوا يقنتون في الفجر فقال أي بني محدث قال أبو جعفر فلسنا نقول إنه محدث على أنه لم يكن قد كان ولكنه قد كان بعده ما رويناه فيما قد رويناه في هذا الباب قبله فلما لم يثبت لنا القنوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجعنا إلى ما روى عن أصحابه في ذلك فإذا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري قد حدثنا قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا ابن أبي ليلى عن عطاء عن عبيد بن عمير قال صليت خلف عمر رضي الله عنه صلاة الغداة فقنت فيها بعد الركوع وقال في قنوته اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ونشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق
(٢٤٩)