فقد عقلنا بهذا أن عبد الله كان يسفر فعلمنا بذلك أن خروجه منها كان حينئذ ولم يذكر في هذه الأحاديث دخوله فيها في أي وقت كان فذلك عندنا والله أعلم على مثل ما روى عن غيره من أصحابه وقد كان يفعل أيضا مثل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال ثنا محمد بن إدريس الشافعي قال أنا سفيان بن عيينة قال ثنا عثمان بن أبي سليمان قال سمعت عراك بن مالك يقول سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ورجل من بني غفار يؤم الناس فسمعته يقرأ في صلاة الصبح في الركعة الأولى بسورة مريم وفي الثانية بويل للمطففين حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا فضيل بن سليمان عن خثيم بن عراك عن أبيه عن أبي هريرة مثله غير أنه قال فاستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري فصليت خلفه فهذا سباع بن عرفطة قد كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باستخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه يصلي بالناس صلاة الصبح هكذا يطيل فيها القراءة حتى يصيب فيها التغليس والاسفار جميعا وقد روى أيضا عن أبي الدرداء من هذا شئ حدثنا أحمد بن داود قال ثنا محمد بن المثنى قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير قال صلى بنا معاوية الصبح بغلس فقال أبو الدرداء أسفروا بهذه الصلاة فإنه أفقه لكم إنما تريدون أن تخلوا بحوائجكم فهذا عندنا والله تعالى أعلم من أبي الدرداء علي إنكاره عليهم ترك المد بالقراءة إلى وقت الاسفار لا على إنكاره عليهم وقت الدخول فيها فلما كان ما روينا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الاسفار الذي يكون الانصراف من الصلاة فيه مع ما روينا عنه من إطالة القراءة في تلك الصلاة ثبت أن الاسفار بصلاة الصبح لا ينبغي لأحد تركه وأن التغليس لا يفعل إلا ومعه الاسفار فيكون هذا في أول الصلاة وهذا في آخرها فإن قال قائل فما معنى ما روى عن عائشة رضي الله عنها أن النساء كن يصلين الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم ينصرفن وما يعرفن من الغلس قيل له يحتمل أن يكون هذا قبل أن يؤمر بإطالة القراءة فيها فإنه قد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا مرجا بن رجاء قال ثنا داود عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وصل إلى كل صلاة مثلها غير المغرب فإنه وتر وصلاة الصبح لطول قراءتها وكان إذا سافر عاد إلي صلاته الأولى
(١٨٣)