فهذا أولى ما حملت عليه الآثار حتى لا يتضاد وأما وجه النظر عندنا في ذلك فإنا رأينا وقت الظهر والصلوات كلها فيه مباحة التطوع له وقضاء كل صلاة فائتة وكذلك ما اتفق عليه أنه وقت العصر ووقت الصبح مباح قضاء الصلوات الفائتات فيه فإنما نهى عن التطوع خاصة فيه فكان كل وقت قد اتفق عليه أنه وقت الصلاة من هذه الصلوات كل قد أجمع أن الصلاة الفائتة تقضي فيه فلما ثبت ان هذه صفة أوقات الصلوات المجمع عليها وثبت أن غروب الشمس لا يقضي فيه صلاة فائتة باتفاقهم خرجت بذلك صفته من صفة أوقات الصلوات المكتوبات وثبت أنه لا يصلي فيه صلاة أصلا كنصف النهار وطلوع الشمس وأن نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند غروب الشمس ناسخ لقوله من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر للدلائل التي شرحناها وبيناها فهذا هو النظر عندنا وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله وأما وقت المغرب فإن في الآثار الأول كلها أنه قد صلاها عند غروب الشمس وقد ذهب قوم إلى خلاف ذلك فقالوا أول وقت المغرب حين يطلع النجم واحتجوا في ذلك بما حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال أخبرني الليث بن سعد عن خير بن نعيم عن أبي هبيرة الشيباني عن أبي تميم الجيشاني عن أبي بصرة الغفاري قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالمخمص فقال إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها فمن حافظ عليها منكم أوتي أجره مرتين ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد حدثنا علي بن معبد قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن خير بن نعيم الحضرمي ثم ذكر مثله بإسناده غير أنه لم يذكر بالمخمص وقال لا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد والشاهد النجم فقالوا طلوع النجم هو أول وقتها وكان قوله عندنا ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد قد يحتمل أن هذا آخر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكره الليث ويكون الشاهد هو الليل ولكن الذي رواه غير الليث تأول أن الشاهد هو النجم فقال ذلك برأيه لا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تواترت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي المغرب إذا تواترت الشمس بالحجاب حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص بن غياث قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش عن عمارة عن أبي عطية
(١٥٣)