فاحتمل أن يكون ذلك بعدما صار ظل كل شئ مثله فيكون ذلك هو وقت الظهر بعد واحتمل أن يكون ذلك على قرب أن يصير ظل كل شئ مثله وهذا جائز في اللغة قال الله عز وجل وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف فلم يكن ذلك الامساك والتسريح مقصودا به أن يفعل بعد بلوغ الاجل لأنها بعد بلوغ الاجل قد بانت وحرم عليه أن يمسكها وقد بين الله عز وجل ذلك في موضع آخر فقال وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن فأخبر الله عز وجل أن حلالا لهن بعد بلوغ أجلهن أن ينكحن فثبت بذلك أن ما جعل للأزواج عليهن في الآية الأخرى إنما هو في قرب بلوغ الاجل لا بعد بلوغ الاجل فكذلك ما روى عمن ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شئ مثله يحتمل أن يكون على قرب أن يصير ظل كل شئ مثله فيكون الظل إذا صار مثله فقد خرج وقت الظهر والدليل على ما ذكرنا من ذلك أن الذين ذكروا هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكروا عنه في هذه الآثار أيضا أنه صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شئ مثله ثم قال ما بين هذين وقت فاستحال أن يكون ما بينهما وقت وقد جمعهما في وقت واحد ولكن معنى ذلك عندنا والله أعلم على ما ذكرنا وقد دل على ذلك أيضا ما في حديث أبي موسى وذلك أنه قال فيما أخبر عن صلاته في اليوم الثاني ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من العصر فأخبر أنه إنما صلاها في ذلك اليوم في قرب دخول وقت العصر لا في وقت العصر فثبت بذلك إذا أجمعوا في هذه الروايات أن بعد ما يصير ظل كل شئ مثله وقتا للعصر أنه محال أن يكون وقتا للظهر لاخباره أن الوقت الذي لكل صلاة فيما بين صلاتيه في اليومين وقد دل على ذلك أيضا ما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر فثبت بذلك أن دخول وقت العصر بعد خروج وقت الظهر وأما ما ذكر عنه في صلاة العصر فلم يختلف عنه أنه صلاها في أول يوم في الوقت الذي ذكرناه عنه فثبت أن ذلك هو أول وقتها
(١٤٩)