قالوا ثم رويتم أنه عليه السلام أمر بقتل الكلاب حتى لم يبق بالمدينة كلب فكيف قتلها وهي أمة أولا منعه ذلك من قتلها قالوا وقد صارت العلة التي بها عفا عنها هي العلة التي قتلها لها قال أبو محمد ونحن نقول إن كل جنس خلقه الله تعالى من الحيوان أمة كالكلاب والأسد والبقر والغنم والنمل والجراد وما أشبه هذا كما أن الناس أمة وكذلك الجن أمة يقول الله تعالى وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم يريد أنها مثلنا في طلب الغذاء والعشاء وابتغاء الرزق وتوقي المهالك وكذلك الجن قد خاطبهم الله تعالى كما خاطبنا إذ يقول يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ولو أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب على كل حال لأفنى أمة وقطع أثرها وفي الكلاب منافع للناس في حراسة منازلهم وحفظ نعمهم وحرثهم مع الارتفاق بصيدها فإن كثيرا من الاعراب ونازلة القفر لا غذاء لهم ولا معاش إلا بها والله تعالى يقول فكلوا مما أمسكن عليكم وفي ذلك دليل على أنه تعالى خلقها لمنافعنا وقد كان أبو عبيدة يذكر أن رجلين سافرا ومع أحدهما كلب له فوقع عليهما اللصوص فقاتل أحدهما حتى غلب وأخذ فدفن وترك رأسه بارزا وجاءت الغربان وسباع الطير فحامت حوله تريد أن تنهشه وتقلع عينيه ورأي ذلك كلب كان معه
(١٢٦)