به نبينا صلى الله عليه وسلم كائن في ذلك ما هو كائن فلما جاءوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم قالت وكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب عليه السلام قال أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسئ الجوار ويأكل القوى منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دون الله من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن الحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وشهادة الزور وأكل مال اليتيم وقدف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة قالت فعدد عليه أمور الاسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به فعبدنا الله وحده لا نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فغدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله عز وجل وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك، قالت فقال النجاشي هل معك مما جاء به عن الله من شئ قالت فقال له جعفر نعم قالت فقال له النجاشي فاقرأه فقرأ عليه صدرا من (كهيعص) قالت فبكى النجاشي حتى اخضل لحيته وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلى عليهم ثم قال النجاشي إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدا ولا أكاد، قالت أم سلمة فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص والله لآتينه غدا أعيبهم عنده بما استأصل به خضراءهم فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا لا تفعل فان لهم أرحاما وان كانوا قد خالفونا قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عليه السلام عبد قالت ثم غدا عليه فقال أيها الملك انهم يقولون في عيسى بن مريم قالا عظيما فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه
(٢٦)