الله لي في ذلك، فاصنع ما أنت صانع!!
وجرى بينهم اختلاف شديد، وبلغ ذلك من كان بالكوفة من أصحابه الذين فارقوه، فرجعوا إليه في جمعهم حتى نزلوا في الشعب، قالوا: والله لا نفارقك أبدا أو لنموتن بين يديك! قال: وأمسك ابن الزبير عن ابن الحنفية وكف عنه إلى أن حجت الناس.
فلما كان يوم النفر أرسل بأخيه عروة بن الزبير وعبد الله بن مطيع العدوي في رجال من قريش إليه، فأقبل القوم حتى دخلوا الشعب إلى ابن الحنفية، فقالوا: إن أمير المؤمنين يأمرك أن تتنحى عن هذا الشعب الذي أنت نازل فيه، فإنه قد عزم إن لم تفعل ولم تنتقل إلى موضع غيره أن يسير إليك حتى يناجزك، فإن أردت الشخوص فهذا يوم الجمعة قم فانفر مع الناس وامضي إلى حيث شئت من البلاد.
قال: فسكت ابن الحنفية وقام رجل من أصحابه يقال له: معاذ بن هاني، فقال: أيها المهدي! إن هذا البلد قد جعل الله عز وجل الناس فيه سواء العاكف فيه والباد، وليس أحد أحق به من أحد، وهذا الرجل قد ألحد في الحرم وسفك فيه الدم، وقد بعث إليك مرة بعد أخرى يأمرك بالتنحي عنه، فإن هو أبى إلا إشخاصك تركا لأمر الله وجرأة عليه، فقد بدأك بالظلم وبما لم تكن تستحله، وقد اضطرك وإيانا إلى ما لا صبر لك عليه، فخل بيننا وبينه، فوالله إني لأرجو أن آتيك به سلما أو يقتل هؤلاء أصحابه الفساق الجبارون وأعداء الصالحين، فإنما هم أعراب أهل اليمامة وجهال أهل مكة، ولقد قاتلهم قوم ينوون رضوان الله وثواب الآخرة، ولما ثبتوا للطعان والضراب ولا تذعروا بدعارة أولاد الحجل.
قال: فغضب عبد الله بن مطيع من ذلك، ثم أقبل على ابن الحنفية فقال:
يا أبا القاسم! لا يغرنك عن نفسك حائك أهل اليمن هذا وأشباهه، فإني أعلم