قال: فحلفه، قال: قل: " برئت من حول الله وقوته واعتصمت بحولي وقوتي وتقلدت الحول والقوة من دون الله استكبارا على الله واستعلاء عليه واستغناء عنه إن كنت قلت هذا الشعر " فامتنع عبد الله من الحلف بذلك، فغضب الرشيد وقال للفضل بن الربيع: يا عباسي ما له لا يحلف إن كان صادقا؟ هذا طيلساني علي وهذه ثيابي لو حلفني بهذه اليمين إنها لي لحلفت، فوكز الفضل عبد الله برجله - وكان له فيه هوى - وقال له: إحلف ويحك! فجعل يحلف بهذه اليمين ووجهه متغير وهو يرعد.
فضرب يحيى بين كتفيه، وقال: يا بن مصعب قطعت عمرك، لا تفلح بعدها أبدا.
قالوا: فما برح من موضعه حتى عرض له أعراض الجذام، استدارت عيناه وتفقأه وجهه، وقام إلى بيته، فتقطع وتشقق لحمه وانتثر شعره ومات بعد ثلاثة أيام، وحضر الفضل بن الربيع جنازته، فلما جعل في القبر انخسف اللحد به حتى خرجت منه غبرة شديدة! وجعل الفضل يقول: التراب التراب! فطرح التراب وهو يهوى فلم يستطيعوا سده حتى سقف بخشب وطم عليه.
فكان الرشيد يقول بعد ذلك للفضل: أرأيت يا عباسي ما أسرع ما اديل ليحيى من ابن مصعب (1).
(457) أبو دلف والمأمون روى أبو الفرج الأصبهاني عن عبدوس بن أبي دلف، قال: حدثني أبي، قال: قال لي المأمون: يا قاسم أنت الذي يقول فيك علي بن جبلة:
" إنما الدنيا أبو دلف " البيتين.