أمر بطلب أنس بن أبي شيخ - كاتب البرامكة - فهرب منه، ثم وجد هو و مسلم ابن الوليد عند قينة ببغداد، فلما أوتي بهما، قيل له: يا أمير المؤمنين، قد أوتي بالرجلين، قال: أي الرجلين؟ قال: أنس بن أبي شيخ ومسلم بن الوليد. فقال الحمد لله الذي أظفرني بهما، يا غلام أحضرهما، فلما دخلا عليه نظر إلى مسلم وقد تغير لونه، فرق له وقال: إيه يا مسلم أنت القائل:
أنس الهوى ببني علي في الحشا * وأراه يطمح عن بني عباس قال: بل أنا الذي أقول يا أمير المؤمنين:
أنس الهوى ببني العمومة في الحشا * مستوحشا من سائر الايناس وإذا تكاملت الفضائل كنتم * أولى بذلك يا بني العباس قال: فعجب هارون من سرعة بديهته، وقال بعض جلسائه: استبقه يا أمير المؤمنين، فإنه من أشعر الناس، وامتحنه فسترى منه عجبا... (1).
(655) الكميت الأسدي وهشام كان الكميت بن زيد يمدح بني هاشم، ويعرض ببني أمية، فطلبه هشام فهرب منه عشرين سنة لا يستقر به القرار من خوف هشام، وكان مسلمة بن عبد الملك له على هشام حاجة في كل يوم يقضيها له ولا يرده فيها، فلما خرج مسلمة بن عبد الملك يوما إلى بعض صيوده، أتى الناس يسلمون عليه، وأتاه الكميت بن زيد فيمن أتى، فقال:
السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
قف بالديار وقوف زائر * وتأن أنك غير صاغر حتى انتهى إلى قوله: