قال: إمامي من سبح في كفه الحصى، وكلمه الذئب إذ عوى، وردت له الشمس بين الملأ، وأوجب الرسول صلى الله عليه وآله على الخلق له الولا، فتكاملت فيه الخيرات، وتنزه عن الخلق الدنيات، فذلك إمامي وإمام البريات.
فقال العدوي: ويلك! أليس هارون إمامك؟
قال: بل الويل لك! حيث لم تر أمير المؤمنين لهذه المحامد أهلا، وما أخالك إلا عدوا له تظهر طاعته وتضمر مخالفته، ولئن بلغه مقالك ليؤدبنك.
فضحك العباسي وأمر بإخراج العدوي، وقال لبهلول: ما الفضل إلا فيك، وما العقل إلا من عندك، والمجنون من سماك مجنونا، أخبرني علي أفضل أو أبو بكر؟
قال: أصلح الله الأمير! إن عليا - عليه السلام - من النبي صلى الله عليه وآله كالشئ من الشئ والصنو من الصنو وكالمفصل من الذراع، وأبو بكر ليس فيه ولا يوازيه في فضله إلا مثله، ولكل فاضل فضله.
قال: أخبرني بنو علي أحق بالخلافة أم بنو العباس؟ فسكت البهلول، قال:
لم سكت؟
قال: ما للمجانين وهذا التحقيق والتمييز! ثم خرج وهو يقول:
إن كنت تهواهم حقا بلا كذب * فالزم حياتك في جد وفي لعب إياك من أن يقولوا: عاقل فطن * فتبتلي بطويل الكد والنصب مولاك يعلم ما تطويه من خلق * فما يضرك إن سموك بالكذب فقال العباسي: لا إله إلا الله! لقد رزق الله علي بن أبي طالب لب كل ذي لب (1).