عبد الله بن عباس وعمر قال اليعقوبي: روى ابن عباس، قال: طرقني عمر بعد هدأة من الليل، فقال: اخرج بنا نحرس نواحي المدينة، فخرج وعلى عنقه درته حافيا حتى أتى بقيع الغرقد، فاستلقى على ظهره وجعل يضرب أخمص قدميه بيده، وتأوه صعداء! فقلت له يا أمير المؤمنين: ما أخرجك إلى هذا الأمر؟ قال: أمر الله يا ابن عباس! قلت: إن شئت أخبرتك بما في نفسك، قال: غص يا غواص إن كنت فتقول فتحسن.
قلت: ذكرت هذا الأمر بعينه وإلى من تصيره، قال: صدقت! قال: قلت له: أين أنت عن عبد الرحمان بن عوف؟ إلى أن قال: فقلت: عثمان بن عفان؟ قال:
إن ولي حمل بني أبي معيط وبني أمية على رقاب الناس وأعطاهم مال الله، ولئن ولي ليفعلن والله ولئن فعل لتسيرن العرب إليه حتى تقتله في بيته.
ثم سكت (قال:) فقال: امضها يا ابن عباس! أترى صاحبكم لها موضعا؟
قال فقلت له: وأين يتبعد من ذلك مع فضله وسابقته وقرابته وعلمه؟ قال: هو والله كما ذكرت ولو وليهم لحملهم على منهج الطريق فأخذ المحجة الواضحة، إلا أن فيه خصالا: الدعابة في المجلس، واستبداد الرأي، والتبكيت للناس، مع حداثة السن.
قلت: يا أمير المؤمنين، هلا استحدثتم سنه يوم الخندق إذ خرج عمرو بن عبد ود وقد كعم عنه الأبطال وتأخرت عنه الأشياخ، ويوم بدر إذ كان يقط الأقران قطا وهلا سبقتموه بالإسلام إذ كان جعلته السعب (1) وقريش فقال: إليك يا ابن عباس! أتريد أن تفعل بي كما فعل أبوك وعلي بأبي بكر يوم دخلا عليه؟ قال: فكرهت أن أغضبه، فسكت.