بنفسي، لأنها أقرب الأشياء إلي، وذلك أني أجدها أبعاضا مجتمعة، وأجزاء مؤتلفة، ظاهرة التركيب، متينة الصنعة، مبنية على ضروب من التخطيط والتصوير، زائدة من بعد نقصان، وناقصة من بعد زيادة، قد أنشأ لها حواس مختلفة وجوارح متبائنة: من بصر وسمع وشام وذائق ولامس، مجبولة على الضعف والنقص والمهانة، لا تدرك واحدة منها مدرك صاحبتها ولا تقوى على ذلك، عاجزة عن اجتلاب المنافع إليها ودفع المضار عنها، واستحال في العقول وجود تأليف لا مؤلف له، وثبات صورة لا مصور لها، فعلمت أن لها خالقا خلقها ومصورا صورها، مخالفا لها في جميع جهاتها، قال الله جل جلاله: " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " (1).
(425) هشام بن الحكم مع هشام بن سالم عن جعفر بن محمد بن حكيم الخثعمي، قال: اجتمع ابن سالم وهشام بن الحكم وجميل بن دراج وعبد الرحمن بن الحجاج ومحمد بن حمران وسعيد بن غزوان ونحو من خمسة عشر من أصحابنا، فسألوا هشام بن الحكم أن يناظر هشام بن سالم فيما اختلفوا فيه من التوحيد وصفة الله عز وجل وعن غير ذلك، لينظروا أيهم أقوى حجة، فرضي هشام بن سالم أن يتكلم عند محمد بن أبي عمير، ورضي هشام بن الحكم أن يتكلم عند محمد بن هشام، فتكالما وساقا ما جرى بينهما.
وقال: قال عبد الرحمن بن الحجاج لهشام بن الحكم: كفرت والله بالله العظيم وألحدت فيه، ويحك! ما قدرت أن تشبه بكلام ربك إلا العود يضرب به.