أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ".
قال: فمن أين زعمت أنه لا بد أن يكون معصوما من جميع الذنوب؟ قال:
إن لم يكن معصوما لم يؤمن أن يدخل فيما دخل فيه غيره من الذنوب، فيحتاج إلى من يقيم عليه الحد كما يقيمه على غيره، وإذا دخل في الذنوب لم يؤمن أن يكتم على جاره وحبيبه وقريبه وصديقه، وتصديق ذلك قول الله عز وجل:
" إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ".
قال: فمن أين زعمت أنه أشجع الخلق؟ قال: لأنه قيمهم الذي يرجعون إليه في الحرب، فإن هرب فقد باء بغضب من الله، ولا يجوز أن يبوء الإمام بغضب من الله، وذلك قول الله عز وجل: " وإذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ".
قال: فمن أين زعمت أنه لا بد أن يكون أسخى الخلق؟ قال: لأنه إن لم يكن سخيا لم يصلح للإمامة، لحاجة الناس إلى نواله وفضله والقسمة بينهم بالسوية، ليجعل الحق في موضعه، لأنه إذا كان سخيا لم تتق نفسه إلى أخذ شئ من حقوق الناس والمسلمين، ولا يفضل نصيبه في القسمة على أحد من رعيته، وقد قلنا: إنه معصوم.
فإذا لم يكن أشجع الخلق وأعلم الخلق وأسخى الخلق وأعف الخلق لم يجز أن يكون إماما (1).
(357) هشام وابن أبي عمير عن ابن أبي عمير، قال: ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحكم في