ابن غنم - الصحابي - من أفقه أهل الشام، وهو الذي فقه عامة التابعين بالشام، كانت له جلالة وقدر، وهو الذي عاتب أبا هريرة وأبا الدرداء بمحص إذ انصرفا من عند علي رضي الله عنه رسولين لمعاوية، وكان مما قال لهما: عجبا منكما، كيف جاز عليكما ما جئتما به، تدعوان عليا إلى أن يجعلها شورى، وقد علمتما أنه قد بايعه المهاجرون والأنصار وأهل الحجاز والعراق، وأن من رضيه خير ممن كرهه، ومن بايعه خير ممن لم يبايعه؟ وأي مدخل لمعاوية في الشورى وهو من الطلقاء الذين لا تجوز لهم الخلافة، وهو وأبوه من رؤوس الأحزاب؟
فندما على مسيرهما وتابا منه بين يديه (1).
(629) عبد الرحمان مع شرحبيل قال: فلما قدم كتاب معاوية على شرحبيل وهو بحمص استشار أهل اليمن فاختلفوا عليه، فقام إليه عبد الرحمن بن غنم الأزدي وهو صاحب معاذ بن جبل وختنه، وكان أفقه أهل الشام، فقال:
يا شرحبيل بن السمط، إن الله لم يزل يزيدك خيرا مذ هاجرت إلى اليوم، وإنه لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من الناس، ولا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. إنه قد ألقى إلينا قتل عثمان، وأن عليا قتل عثمان (وأنه ألقى إلى معاوية أن عليا قتل عثمان ولهذا يريدك). فإن يك قتله فقد بايعه المهاجرون والأنصار، وهم الحكام على الناس، وإن لم يكن قتله فعلام تصدق معاوية عليه؟ لا تهلك نفسك وقومك. فإن كرهت أن يذهب بخطها جرير فسر إلى علي فبايعه على شامك وقومك.
فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية، فبعث إليه عياض الثمالي وكان