فرجع الأحنف إلى علي عليه السلام فقال له: أخرج أبو موسى والله زبدة سقائه في أول مخضه، لا أرانا إلا بعثنا رجلا لا ينكر خلعك! فقال علي والله غالب على أمره، قال: فمن ذلك نجزع يا أمير المؤمنين، وفشا أمر الأحنف وأبي موسى في الناس، فجهز الشني راكبا فتبع به أبا موسى بهذه الأبيات:
أبا موسى جزاك الله خيرا * عراقك إن حظك في العراق وأن الشام قد نصبوا إماما * من الأحزاب معروف النفاق وإنا لا نزال لهم عدوا * أبا موسى إلى يوم التلاق فلا تجعل معاوية بن حرب * إماما ما مشت قدم بساق ولا يخدعك عمرو إن عمروا * أبا موسى تحاماه الرواقي فكن منه على حذر وأنهج * طريقك لا تزل بك المراقي ستلقاه أبا موسى مليا * بمر القول من حق الخناق ولا تحكم بأن سوى علي * إماما أن هذا الشر باق (1) (443) ابن عباس وعبد الرحمن بن خالد قال عبد الرحمان بن خالد بن الوليد: حضرت الحكومة - في دومة الجندل - فلما كان يوم الفصل جاء عبد الله بن عباس فقعد إلى جانب أبي موسى وقد نشر أذنيه حتى كاد أن ينطق بهما، فعلمت أن الأمر لا يتم لنا ما دام هناك، وأنه سيفسد على عمرو حيلته، فأعملت المكيدة في أمره، فجئت حتى قعدت عنده، وقد شرع عمرو وأبو موسى في الكلام، فكلمت ابن عباس كلمة استطعمته جوابها فلم يجب، فكلمته أخرى فلم يجب، فكلمته ثالثة فقال:
إني لفي شغل عن حوارك الآن!