أيها القوم! ألا تقبلون من الحسين خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيكم الله من حربه وقتاله؟
قالوا: هذا الأمير عمر بن سعد فكلمه، فكلمه بمثل ما كلمه قبل وبمثل ما كلم به أصحابه. قال عمر: قد حرصت لو وجدت إلى ذلك سبيلا فعلت.
فقال: يا أهل الكوفة لأمكم الهبل والعبر! إذ دعوتموه حتى إذا أتاكم أسلمتموه وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه، ثم عدوتم لتقتلوه، أمسكتم بنفسه وأخذتم بكظمه وأحطتم به من كل جانب، فمنعتموه التوجه في بلاد الله العريضة حتى يأمن ويأمن أهل بيته، وأصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع ضرا، وحلأتموه ونساءه وصبيته وأصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، وها هم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا في ذريته! لا أسقاكم الله إن لم تتوبوا وتنزعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا من ساعتكم هذه (1).
(472) سلمان وعمر جلس عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ينتسبون، وفيهم سلمان الفارسي، وإن عمر سأله عن نسبه وأصله، فقال: أنا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله بمحمد صلى الله عليه وآله، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد صلى الله عليه وآله، وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد صلى الله عليه وآله، وهذا حسبي ونسبي.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله، فحدثه سلمان وشكا إليه ما لقي من القوم وما قال لهم.