المرفوع، والكهف للعواذ، ربيع الروح، وكنف المستطيل، ولي الهارب، كريح رحمة أثارت سحابا متفرقا بعضها إلى بعض حتى التحم واستحكم فاستغلظ فاستوى، ثم تجاوبت نواتقه، وتلالات بوارقه، واسترعد خرير مائه، فأسقى وأروى عطشانه، وتداعت جنانه، واستقلت به أركانه، واستكثرت وابله، ودام رذاذه، وتتابع مهطوله، فرويت البلاد واخضرت وأزهرت، ذلك علي ابن أبي طالب سيد العرب، إمام الأمة وأفضلها وأعلمها وأجملها وأحكمها، أوضح للناس سيرة الهدى بعد السعي في الردى، فهو والله إذا اشتبهت الأمور وهاب الجسور واحمرت الحدق وانبعث القلق وأبرقت البواتر، استربط عند ذلك جأشه، وعرف بأسه، ولاذ به الجبان الهلوع، فنفس كربته وحمى حمايته عند الخيول النكراء والداهية الدهياء، مستغن برأيه عن مشورة ذوي الألباب برأي صليب وحلم أريب مجيب، للصواب مصيب.
فأمسكت القوم جميعا. وأمر معاوية بإخراجه، فأخرج وهو يقول: " قد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " (1).
(339) عمر بن علي وسعيد بن المسيب عن أبي داود الهمداني، قال: شهدت سعيد بن المسيب، وأقبل عمر بن علي بن أبي طالب عليهما السلام فقال له سعيد: يا ابن أخي ما أراك تكثر غشيان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كما يفعل إخوتك وبنو عمك؟
فقال عمر: يا ابن المسيب أكلما دخلت فأجئ فأشهدك؟ فقال سعيد:
ما أحب أن تغضب، سمعت والدك عليا يقول: " والله إن لي من الله مقاما لهو خير لبني عبد المطلب مما على الأرض من شئ " فقال عمر: سمعت