استعمله عمر وهو الوالي عليه بمنزلة الطبيب يحميه ما يشتهي ويوجره ما يكره، ثم استعمله عثمان برأي عمر، وما أكثر من استعملا ممن لم يدع الخلافة!
واعلم أن لعمر مع كل شئ يسرك خبيئا يسوؤك، ومهما نسيت فلا تنس أن عليا بايعه القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان وأنها بيعة هدى، وأنه لم يقاتل إلا العاصين والناكثين.
فقال أبو موسى: رحمك الله! والله مالي إمام غير علي، وإني لواقف عندما رأى، وإن حق الله أحب إلي من رضا معاوية وأهل الشام، وما أنت وأنا إلا بالله (1).
(442) الأحنف وأبو موسى كان آخر من ودع أبا موسى الأحنف بن قيس، أخذ بيده ثم قال له:
يا أبا موسى اعرف خطب هذا الأمر، واعلم أن له ما بعده، وأنك إن أضعت العراق فلا عراق، اتق الله! فإنها تجمع لك دنياك وآخرتك، وإذا لقيت غدا عمروا فلا تبدأه بالسلام، فإنها وإن كانت سنة إلا أنه ليس من أهلها ولا تعطه يدك فإنها أمانة، وإياك أن يقعدك على صدر الفراش فإنها خدعة، ولا تلقه إلا وحده، واحذر أن يكلمك في بيت فيه مخدع تخبأ لك فيه الرجال والشهود ثم أراد أن يثور ما في نفسه لعلي، فقال له:
فإن لم يستقم لك عمرو على الرضا بعلي فليختر أهل العراق من قريش الشام من شاءوا، أو فليختر أهل الشام من قريش العراق من شاءوا.
فقال أبو موسى: قد سمعت ما قلت ولم ينكر ما قاله من زوال الأمر عن علي عليه السلام.