(402) عمار وعمرو بن العاص قال (في ذكر وقعة صفين): فأصبح القوم، فدنا بعضهم من بعض ومع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يومئذ رجل من حمير يكنى بأبي نوح، وكان مفوها متكلما، وكان له فضل وقدر وطاعة في الناس، فقال لعلي: يا أمير المؤمنين أتأذن لي في كلام ذي الكلاع؟ فإنه رجل من قومي وهو سيد عند أهل الشام، فلعلي أشككه فيما هو فيه، فقال له علي: يا أبا نوح إن رد مثل ذي الكلاع شديد عند أهل الشام، فإن أحببت لقاءه فالقه بالجميل، وإياك والكتب!
قال: فبعث أبو نوح إلى ذي الكلاع: إني أريد لقاءك، فاخرج إلي أكلمك.
قال: فجاء ذو الكلاع إلى معاوية، فقال: إن أبا نوح يريد كلامي ولست مكلمه إلا بإذنك، فما ترى في كلامه أكلمه أم لا؟ فقال معاوية: وما تريد إلى كلامه؟ فوالله ما نشك في هداك ولا في ضلالته ولا في حقك ولا في باطله.
فقال ذو الكلاع: على ذلك ائذن لي في كلامه، فقال معاوية: ذاك إليك.
وفشا أمر أبي نوح وذي الكلاع في الناس، فأنشأ رجل من أصحاب علي يقول:
أذكر أخا كلع أمرا سيعقبه * شكا وشيكا فبادره أبا نوح حتى نشككه في دين صاحبه * والشك منه قريب شبه تصريح أما الرجوع فإني لست آمله * إلا وبعض دماء القوم مسفوح من يحصب ورعين أو ذوي كلع * وأصبح الشمر ذي الرأي المراجيح كم ساعد قد أبان السيف مرفقها * ورأس أشوس وسط القوم مطروح قال ابن هند له قولا فأطمعه * إن المطامع باب غير مفتوح بادره من قبل أن تنشب أظافره * من ابن هند بتشبيع وتجليح