أما بعد، فإنه مهما غاب عنا، فإنه لم يفت علينا أن عليا قتل عثمان، والدليل على ذلك أن قتلته عنده، وإنما نطلب بدمه حتى يدفع إلينا قتلته فنقتلهم بكتاب الله تعالى، فإن دفعهم إلينا كففنا عنه وجعلناها شورى بين المسلمين، على ما جعلها عمر بن الخطاب. فأما الخلافة فلسنا نطلبها، فأعينونا يرحمكم الله، وانهضوا من ناحيتكم.
قال: وذكروا أنه لما قرئ عليهم كتابه اجتمع رأيهم على أن يسندوا أمرهم إلى المسور بن مخرمة، فجاوب عنهم فكتب إليه:
أما بعد: فإنك أخطأت خطأ عظيما وأخطأت مواضع النصرة، وتناولتها من مكان بعيد، وما أنت والخلافة يا معاوية؟ وأنت طليق وأبوك من الأحزاب؟ فكف عنا فليس لك قبلنا ولي ولا نصير (1).
(649) حجر بن عدي مع زياد، معاوية، المغيرة إن معاوية استعمل المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة إحدى وأربعين، فلما أمره عليها دعاه وقال له:
أما بعد: فإن لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا. وقد قال المتلمس:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الإنسان إلا ليعلما وقد يجزى عنك الحكيم بغير التعليم، وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة فأنا تاركها اعتمادا على بصرك بما يرضيني ويسعد سلطاني، ويصلح رعيتي، ولست تارك إيصاءك بخصلة: لا تقهم عن شتم علي وذمه، والترحم على عثمان والاستغفار له والعيب على أصحاب علي والإقصاء لهم، وترك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان - رضوان الله عليه - والإدناء لهم، والاستماع منهم.