الأتباع والأذناب آخى بينه وبين نفسه وأسجل على أنه نظيره ومماثله، فهل نقل في جهازكم أنتم من هذا شئ؟ أو نبت تحت خبكم من هذا شئ؟
فأراد الواعظ أن يكلمه، فصاح عليه القائم من الجانب الأيمن وقال: يا سيدي فلان الدين، محمد بن عبد الله كثير في الأسماء، ولكن ليس فيهم من قال له رب العزة: " ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " وكذلك علي بن أبي طالب كثير في الأسماء، ولكن ليس فيهم من قال له صاحب الشريعة: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ".
وقد تلتقي الأسماء في الناس والكنى * كثيرا ولكن ميزوا في الخلائق فالتفت إليه الواعظ ليكلمه، فصاح عليه القائم من الجانب الأيسر، وقال:
يا سيدي فلان الدين، حقك تجهله، أنت معذور في كونك لا تعرفه:
وإذا خفيت عل الغبي فعاذر * ألا تراني مقلة عمياء فاضطرب المجلس وماج كما يموج البحر، وافتتن الناس، وتواثبت العامة بعضهم إلى بعض، وتكشفت الرؤوس، ومزقت الثياب، ونزل الواعظ، واحتمل حتى أدخل دارا أغلق عليه بابها، وحضر أعوان السلطان فسكنوا الفتنة، وصرفوا الناس إلى منازلهم وأشغالهم، وأنفذ الناصر لدين الله في آخر نهار ذلك اليوم فأخذ أحمد بن عبد العزيز الكزي والرجلين الذين قاما معه فحبسهم أياما لتطفأ نائرة الفتنة، ثم أطلقهم (1).
(590) أبو العيناء وعلي بن الجهم في الأغاني: سمع أبو العيناء علي بن الجهم يوما يطعن على أمير المؤمنين عليه