فلما كان في المجلس الثاني أملى، فقال: تقول العرب: " هو جاري مكاشري "، فقام إليه ابن السكيت، فقال: وما معنى " مكاشري "؟ إنما هو:
" مكاسري " يعني: كسر بيتي إلى كسر بيته.
فقطع اللحياني الإملاء فما أملى بعد ذلك شيئا. وكان من أهل الفضل والدين موثوقا بروايته.
وسأل الفراء السكيت أباه عن نسبه؟ فقال: خوزي من قرى دورق من كور الأهواز (1).
(528) ابنا عباس وابن الزبير مر عبد الله بن صفوان بن أمية يوما بدار عبد الله بن عباس بمكة، فرأى فيها جماعة من طالبي الفقه. ومر بدار عبيد الله بن عباس فرأى فيها جماعة ينتابونها للطعام، فدخل على ابن الزبير فقال له: أصبحت والله كما قال الشاعر:
فإن تصبك من الأيام قارعة * لم نبك منك على دنيا ولا دين قال: وما ذاك يا أعرج؟ قال: هذان ابنا عباس أحدهما يفقه الناس والآخر يطعم الناس فما بقيا لك مكرمة.
فدعا عبد الله بن مطيع وقال: انطلق إلى ابني عباس فقل لهما: يقول لكما أمير المؤمنين: اخرجا عني أنتما ومن أصغى إليكما من أهل العراق، وإلا فعلت وفعلت.
فقال عبد الله: والله ما يأتينا إلا رجلان: رجل يطلب فقها ورجل يطلب فضلا، فأي هذين تمنع؟ وكان بالحضرة أبو الطفيل، فجعل يقول:
لا در در الليالي كيف تضحكنا * منها خطوب أعاجيب وتبكينا