كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شئ علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين " (1).
قال: ثم سار ابن الحنفية حتى صار إلى مدين أقبل على أصحابه فقال: يا هؤلاء! أنتم نعم الإخوان والأنصار ما علمتم، ولو كان عندي ما يسعكم لأحببت أن لا تفارقوني أبدا حتى تنجلي هذه الغمة، فإن أحببتم فانصرفوا إلى مصركم محمودين، فإنكم تقدمون إلى الناس وبهم إليكم حاجة، وأنا سأقدم إلى مكة إلى معاندة ابن الزبير، ولا أحب أن تكونوا مجهودين.
قال: فعندها ودع أصحابه وانصرفوا إلى الكوفة، وبها يومئذ مصعب بن الزبير.
فأرسل إليهم فدعاهم، وقال: من أنتم؟ وما أقدمكم إلى مصرنا هذا ذنبكم (2)؟ فقالوا: نحن أصحاب محمد بن الحنفية ولم نقدم لسوء، إنما قدمنا إلى بلادنا، فاجعل لنا أرزاقنا واصطنعنا، وإن دخلت (3) ذلك دخلنا في بيعتك وأقررنا في بلدك وعشائرنا.
قال: فأمرهم مصعب بن الزبير فبايعوه وأقاموا عنده.
ومضى ابن الحنفية بمن معه من أهل بيته ومواليه حتى نزل بشعب أبي طالب بمكة، وبلغ عبد الله بن الزبير، فأرسل إليه: أن ارتحل عن هذا الشعب أنت وأصحابك هؤلاء الذين معك، وإلا هلم فبايع.
فقال ابن الحنفية لرسوله: ارجع إليه وقل له: إن الله تعالى قد جعل هذا البلد آمنا وأنت تخيفني فيه! ولست بشاخص عن مكاني هذا أبدا إلى أن يأذن