(405) أبو الطفيل ومعاوية قال: ثم أقبل عبد الله بن الطفيل إلى علي، فقال: كيف رأيت فعلنا في عدونا يا أمير المؤمنين؟ (وذلك في صفين) والله لقد استكرهوني على الانصراف فاستكرهتهم على الرجعة. قال: فأعجب عليا ذلك منه، وأثنى عليه وعلى قومه خيرا، فأنشأ أبو الطفيل يقول:
[تحامت كنانة في حربها * وحامت تميم وحامت أسد وحامت هوازن من بعدها * فما حام منا ومنهم أحد لقينا الفوارس يوم الخميس * والعيد والسبت قبل الأحد وأمدادهم خلف أذنابهم * وليس لنا من سوانا مدد لقينا قبائل أنسابهم * إلى حضرموت وأهل الجند فلما تنادوا بآبائهم * دعونا معدا ونعم المعد فظلنا نفلق هاماتهم * ولم نك فيها ببيض البلد ونعم الفوارس يوم الوغى * فقل من عديد وقل في عدد وقل في طعان كفرغ الدلاء * وضرب عظيم كنار الوقد ولكن عصفنا بهم عصفة * وفي الحرب بشر وفيها نكد طحنا الفوارس يوم العجاج * وسقنا الأراذل سوق النقد وقلنا علي لنا والد * ونحن له في ولاة الولد] قال: فاشتد هذا الشعر على معاوية وغمه غما شديدا.
ثم إنه جلس ذات يوم - وذلك بعد صفين - وعنده يومئذ عمرو بن العاص وسعيد بن العاص ومروان بن الحكم، فذكروا هذه القصيدة، فما منهم أحد إلا وشتم أبا الطفيل أقبح الشتيمة، وبلغ ذلك أبا الطفيل، فأنشأ يقول:
[أيشتمني عمرو ومروان ضلة * لرأي ابن هند والشقي سعيد