أحين كنتم أهل الشام؟ فأنتم الآن حين أمسكتم عن قتالهم مبطلون، أم أنتم الآن في إمساككم عن القتال محقون، فقتلاكم إذن - الذين لا تنكرون فضلهم وأنهم خير منكم - في النار!
قالوا: دعنا منك يا أشتر! قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله، إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا.
قال: خدعتم والله فانخدعتم! ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم، يا أصحاب الجباه السود، كنا نظن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوقا إلى لقاء الله، فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا من الموت، ألا فقبحا! يا أشباه النيب الجلالة، ما أنتم برأيين بعدها عزا أبدا فابعدوا كما بعد القوم الظالمون.
فسبوه وسبهم وضربوا بسياطهم وجه دابته وضرب بسوطه وجوه دوابهم، وصاح بهم علي، فكفوا... الخ (1).
(440) شريح بن هانئ وأبو موسى لما أراد أبو موسى المسير (إلى الحكمية) قام إليه شريح بن هانئ فأخذ بيده، وقال: يا أبا موسى إنك نصبت لأمر عظيم لا يجبر صدعه ولا تستقال فتنته، ومهما تقل من شئ عليك أو لك يثبت حقه وتر صحته وإن كان باطلا، وإنه لا بقاء لأهل العراق إن ملكهم معاوية، ولا بأس على أهل الشام إن ملكهم علي، وقد كانت منك تثبيطة أيام الكوفة والجمل، فإن تشفعها بمثلها يكن الظن بك يقينا والرجاء منك يأسا، ثم قال له شريح في ذلك شعرا:
أبا موسى رميت بشر خصم * فلا تضع العراق فدتك نفسي واعط الحق شامهم وخذه * فإن اليوم في مهل كأمس