فإنا لا نرأم بوقع الضيم، ولا نتلمظ جرع الخسف، ولا نغمز بغماز الفتن، ولا نذر على الغضب.
فقال معاوية: الغضب شيطان، فأربع نفسك أيها الإنسان! فإنا لم نأت إلى صاحبك مكروها ولم نرتكب منه مغضبا ولم ننتهك منه محرما، فدونكه!
فإنه لم يضق عنه حلمنا ويسع غيره.
فأخذ عفير بيد الوليد وخرج به إلى منزلة وقال له: والله لتؤوبن بأكثر مما آب به معدي من معاوية! وجمع من بدمشق من اليمانية وفرض على كل رجل دينارين في عطائه فبلغت أربعين ألفا، فتعجلها من بيت المال ودفعها إلى الوليد ورده إلى العراق (1).
(453) رجل من المنصور قال الأحمدي: وجدت كلاما جديرا بأن ينقل وإن كان لعله خارج عن شرط الكتاب:
روى ابن قتيبة في كتاب " عيون الأخبار " قال: بينما المنصور يطوف ليلا بالبيت سمع قائلا يقول: " اللهم إليك أشكو ظهور البغي والفساد وما يحول بين الحق وأهله من الطمع ".
فخرج المنصور فجلس ناحية من المسجد، وأرسل إلى الرجل يدعوه، فصلى ركعتين واستلم الركن وأقبل على المنصور فسلم عليه بالخلافة. فقال المنصور: ما الذي سمعتك تقوله، من ظهور البغي والفساد في الأرض وما يحول بين الحق وأهله من الطمع؟ فوالله لقد حشوت مسامعي ما أرمضني (2).