ثم خرج أبو موسى، فصعد المنبر، ثم قال: أيها الناس: إن أصحاب رسول الله الذين صحبوه في المواطن أعلم بالله ورسوله ممن لم يصحبه، وإن لكم حقا علي أؤديه إليكم، إن هذه الفتنة النائم فيها خير من اليقظان، والقاعد خير من القائم، والقائم فيها خير من الساعي، والساعي خير من الراكب، فاغمدوا سيوفكم حتى تنجلي هذه الفتنة.
فقام عمار بن ياسر: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس: إن أبا موسى ينهاكم عن الشخوص إلى هاتين الجماعتين، ولعمري ما صدق فيما قال وما رضي الله من عباده بما ذكر، قال عز وجل: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا " وقال: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله " فلم يرض من عباده بما ذكر أبو موسى من أن يجلسوا في بيوتهم ويخلوا بين الناس فيسفك بعضهم دماء بعض.
فسيروا معنا إلى هاتين الجماعتين واسمعوا من حججهم، وانظروا من أولى بالنصرة فاتبعوه، فإن أصلح الله أمرهم رجعتم مأجورين وقد قضيتم حق الله، وإن بغى بعضهم على بعض نظرتم إلى الفئة الباغية فقاتلتموها حتى تفئ إلى أمر الله، كما أمركم الله، وافترض عليكم، ثم قعد (1).
(550) ابن عباس وعمر عن ابن عباس قال: خرجت مع عمر في بعض أسفاره، فإنا لنسير ليلة وقد دنوت منه، إذ ضرب مقدم رحله بسوطه، وقال: