قال: وكيف لي بهم؟ قلت: أرأيت قوما كانوا في مفازة من الأرض ومعهم أدلاء، فوثبوا عليهم فقتلوا بعضهم وأخافوا بعضهم فهرب واستتر من بقي لخوفه، فلم يجدوا من يدلهم فتاهوا في تلك المفازة حتى هلكوا، ما تقول فيهم؟
قال: إلى النار.
واصفر وجهه، وكانت في يده سفرجلة فضرب بها الأرض فتهشمت، وضرب بين يديه وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! (1).
(354) الأعمش وأبو حنيفة وابن قيس عن شريك، قال: بعث إلينا الأعمش وهو شديد المرض، فأتيناه وقد اجتمع عنده أهل الكوفة - وفيهم أبو حنيفة وابن قيس الماصر - فقال لابنه:
يا بني أجلسني، فأجلسه، فقال: يا أهل الكوفة! إن أبا حنيفة وابن قيس الماصر أتياني فقالا: إنك قد حدثت في علي بن أبي طالب عليه السلام أحاديث، فارجع عنها فإن التوبة مقبولة ما دامت الروح في البدن، فقلت لهما: مثلكما يقول لمثلي هذا! أشهدكم يا أهل الكوفة فإني في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، إني سمعت عطاء بن رباح يقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن قول الله عز وجل: " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أنا وعلي نلقي في جهنم كل من عادانا ".
فقال أبو حنيفة لابن قيس: قم بنا لا يجئ بما هو أعظم من هذا، فقاما وانصرفا (2).