لو كانوا مؤمنين رضوا بكتابي ورسولي. ثم أنزل: " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون " يعني أنهم أصابوا حقائق الإيمان والصلح فلم يسع عليا أمير المؤمنين إلا الكف بعد توكيدهم الميثاق، وضربهم الأجل، والرضا بأن يحكم بينهم رجلان بكتاب الله - فيما تنازع فيه عباد الله - بما أنزل الله وسنة رسوله، ليبلغ الشاهد الغائب منهم سبيل المحق من المبطل ألا يغير بمؤمن غائب برضا غوي (1) أو عم غير مهتد، فيسمى أمير المؤمنين من كل باسمه حتى يقره الكتاب على منزلته (2).
(623) شريح بن هاني مع عمرو بن العاص عن النضر بن صالح قال: كنت مع شريح بن هاني في غزوة سجستان، فحدثني: أن عليا أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص، قال له: قل لعمرو إن لقيته: إن عليا يقول لك: إن أفضل الخلق عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه وإن نقصه، وإن أبعد الخلق من الله من كان العمل بالباطل أحب إليه وإن زاده. والله يا عمرو إنك لتعلم أين موضع الحق فلم تتجاهل؟ أبأن أوتيت طمعا يسيرا فكنت لله ولأوليائه عدوا، فكأن والله ما أوتيت قد زال عنك، فلا تكن للخائنين خصيما، ولا للظالمين ظهيرا. أما إني أعلم أن يومك الذي أنت فيه نادم هو يوم وفاتك، وسوف تتمنى أنك لم تظهر لمسلم عداوة، ولم تأخذ على حكم رشوة.
قال شريح: فأبلغته ذلك فتمعر وجه عمرو وقال: متى كنت أقبل مشورة