(437) الأشتر وسعيد قال:... ثم اتفق أن الوليد بن عقبة لما كان عامله - أي عثمان - على الكوفة وشهد عليه بشرب الخمر صرفه وولى سعيد بن العاص مكانه، فقدم سعيد الكوفة واستخلص من أهلها قوما يسمرون عنده.
فقال سعيد يوما: إن السواد بستان لقريش وبني أمية.
فقال الأشتر النخعي: وتزعم أن السواد الذي أفاءه الله على المسلمين بأسيافنا بستان لك ولقومك؟
فقال صاحب شرطته: أترد على الأمير مقالته وأغلظ له.
فقال الأشتر لمن كان حوله من النخع وغيرهم من أشراف الكوفة: ألا تسمعون؟ فوثبوا عليه بحضرة سعيد فوطؤوه وطئ عنيفا وجروا برجله، فغلظ ذلك على سعيد وأبعد سماره فلم يأذن بعد لهم، فجعلوا يشتمون سعيدا في مجالسهم ثم تعدوا ذلك إلى شتم عثمان، واجتمع إليهم ناس كثير حتى غلظ أمرهم، فكتب سعيد إلى عثمان في أمرهم.
فكتب إليه: أن يسيرهم إلى الشام لئلا يفسدوا أهل الكوفة، وكتب إلى معاوية - وهو والي الشام - أن نفرا من أهل الكوفة قد هموا بإثارة الفتنة وقد سيرتهم إليك، فانههم، فإن آنست منهم رشدا، فأحسن إليهم وارددهم إلى بلادهم.
فلما قدموا على معاوية - وكانوا: الأشتر مالك بن كعب الأرحبي، والأسود ابن يزيد النخعي، وعلقمة بن قيس النخعي، وصعصعة بن صوحان العبدي، وغيرهم - جمعهم يوما وقال لهم:
إنكم قوم من العرب ذوو أسنان وألسنة، وقد أدركتم بالإسلام شرفا، وغلبتم الأمم وحويتم مواريثهم، وقد بلغني أنكم ذممتم قريشا ونقمتم على الولاة