أنهم إن أوردوك لم يصدروك، أفليس هم قتلة أبيك وابن عمك وأخيك؟
فقال ابن الحنفية: لا بل هم أنصاري وشيعتي الذين عليهم أعتمد بعد الله.
فقال عبد الله بن مطيع: اقبل مني، إما أن تبايع هذا الرجل وإلا فانج بنفسك من قبل التورط، ومن قبل أن تتمنى النجاة ولات حين نجاة.
قال: فقال معاذ بن هانئ لعبد الله بن مطيع: يا ابن نساجة العبا! نحن نسلم لك ولصاحبك هذا ولما نقتل بين يديه أو نبيدكم عن آخركم؟
قال: وارتفعت أصوات القوم فسكتهم ابن الحنفية عن آخرهم، ثم أقبل على أصحابه، فقال: أخبروني عنكم ماذا عندكم من الرأي فإني أكره سفك الدماء في حرم الله وحرم رسوله محمد صلى الله عليه وآله؟
قال أصحابه: الرأي رأيك، فانظر ما هو الصواب فالقه إلينا فإننا لن نعدوه، إن أمرتنا بقتال القوم قاتلناهم، وإن أمرتنا بالكف عنهم كففنا، وحمدنا الله على ذلك، ورجونا الخيرة فيما قضى الله عز وجل من ذلك وقدر.
قال: فأطرق ابن الحنفية ساعة، وقال: اللهم إن هذا الرجل قد ظلمني وتعدى علي في إخراجه إياي من حرمك وحرم رسولك محمد صلى الله عليه وآله، اللهم فألبسه لباس الذل والخوف وسلط عليه وعلى أشياعه وناصريه من يسومهم سوء العذاب، اللهم عاقبه بخطيئته، واجعل دائرة السوء عليه بسوء نيته وجريرته، وخذه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله، وأنزل به بأسك وغضبك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.
قال: ثم عزم ابن الحنفية على المسير إلى الطائف هو وأصحابه (1).
* * *