والكوفة بقتل المختار بن أبي عبيد وعبيد الله بن الحر، فأرسل إلى محمد بن الحنفية بأخيه عروة بن الزبير: أن هلم فبايع، فقد قتل الله الكذاب وابن الحر المرتاب، والأمة قد استوسقت، والبلاد قد افتتحت، فادخل فيما دخل فيه الناس من أمر البيعة، وإلا فإننا منابذوك.
قال: فغضب محمد بن الحنفية من ذلك، ثم أقبل على عروة بن الزبير، فقال: بؤسا لأخيك! ما ألجه في إسخاط الله وأغفله عن طاعة الله! أنا أبايع أخاك وعبد الملك بن مروان بالشام يرعد ويبرق؟
قال: ثم وثب رجل من أصحابه، فقال: جعلت فداك! يا ابن أمير المؤمنين علي الرضي وابن عم النبي، والله ما الرأي عندنا إلا أن توثق هذا الساعة في الحديد وتحبسه عندك، فإن أمسك عنك أخاه وبعث بالرضا، وإلا قدمت هذا فضربت عنقه.
فقال محمد بن الحنفية: سبحان الله! أو يكون هذا الذي ذكرت من أعمال الجبابرة وأهل الغدر؟ معاذ الله أن نقتل من لم يقتلنا أو نبدأ بقتال من لم يقاتلنا.
قال: ثم أقبل ابن الحنفية على عروة بن الزبير، فقال له: انطلق إلى أخيك هذا فقل له عني: إنك ذكرت أنه قد استوسق لك الناس وفتحت لك البلاد، وهذا عبد الملك بن مروان حي قائم يدعى له بالشامات كلها وأرض مصر، وفي يده مفاتيح الخلافة، ولست أدري ما يكون من الحدثان، فإذا علمت أنه ليس أحد يناويك في سلطانك بايعتك ودخلت في طاعتك والسلام.
قال: فرجع عروة إلى أخيه عبد الله، فأخبره بذلك.
قال: ثم قام محمد بن الحنفية في أصحابه خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس! إن هذه الأمة قد ضلت عن رسول الله صلى الله عليه وآله في ربها وتاهت عن معالم دينها، إلا قليلا منها، فهم يرتعون في هذه الدنيا حتى