قال: فأمر خالد بضرب أعناق بني عمه بديا.
فقال القوم: إنا مسلمون، فعلى ماذا تأمر بقتلنا؟ قال خالد: والله لأقتلنكم، فقال له شيخ منهم: أليس قد نهاكم أبو بكر عن أن تقتلوا من صلى للقبلة؟ قال خالد: بلى قد أمرنا بذلك، ولكنكم لم تصلوا ساعة قط.
قال: فوثب أبو قتادة إلى خالد بن الوليد فقال: أشهد أنك لا سبيل لك عليهم، قال خالد: وكيف ذلك؟ قال: لأني كنت في السرية التي قد وافتهم، فلما نظروا إلينا قالوا: من أين أنتم؟ قلنا: نحن مسلمون. قالوا: ونحن مسلمون. ثم أذنا وصلينا فصلوا معنا. فقال خالد: صدقت يا أبا قتادة، إن كانوا قد صلوا معكم فقد منعوا الزكاة التي تجب عليهم ولا بد من قتلهم. قال: فرفع شيخ منهم صوته وتكلم، فلم يلتفت خالد إليه وإلى مقالته، فقدمهم فضرب أعناقهم عن آخرهم.
قال: وكان أبو قتادة قد عاهد الله إنه لا يشهد مع خالد بن الوليد مشهدا أبدا بعد ذلك اليوم.
قال: ثم قدم خالد مالك بن نويرة ليضرب عنقه، فقال مالك: أتقتلني وأنا مسلم أصلي إلى القبلة؟! فقال خالد: لو كنت مسلما لما منعت الزكاة ولا أمرت قومك، والله ما نلت ما في مثابتك - منامك - حتى أقتلك.
قال: فالتفت مالك بن نويرة إلى امرأته فنظر إليها ثم قال: يا خالد! بهذه قتلتني.
فقال خالد: بل الله قتلك برجوعك عن دين الإسلام، وجفلك لأبل الصدقة، وأمرك لقومك بحبس ما يجب عليهم من زكاة أموالهم. قال: ثم قدمه خالد فضرب عنقه صبرا. فيقال: إن خالد بن الوليد تزوج بامرأة مالك، ودخل بها، وعلى ذلك أجمع أهل العلم (1).
قال اليعقوبي المؤرخ: وكان متمم بن نويرة - أخو مالك - شاعرا فرثى أخاه بمراث كثيرة ولحق بالمدينة إلى أبي بكر، فصلى خلف أبي بكر صلاة الصبح، فلما فرغ أبو بكر