جاءت هذه الآية بعد أن ذكر الله عز وجل ثمانية عشر نبيا وسماهم بأسمائهم (١) وبعد أن قال: (ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم) (٢) قال تعالى: ﴿أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده﴾ (٣) حيث أمر الله عز وجل بوجوب الاهتداء والاتباع بهدى الأنبياء وذلك لأن هذه الهداية الواجبة الاتباع ليست من نوع الهداية العامة، بل هي مختصة بالأنبياء والرسل (عليهم السلام).
ويعلم بالضرورة والبداهة أن اختصاص الأنبياء بهذه الصفة لم يبق للذنوب والانحراف سبيلا إليهم، وبعبارة أخرى: إن الهداية المذكورة مصداق بارز لآية أخرى هي قوله تعالى: ﴿ومن يهد الله فما له من مضل﴾ (٤) وعندما نجمع بين مفهومي هاتين الآيتين معا نحصل على أن الله تعالى هدى أنبياءه ورسله (عليهم السلام) على نحو ينفي عنهم أي سبيل للانحراف والضلالة والذنوب إليهم. وبهذا أوجب الله تعالى على الآخرين متابعتهم والانقياد إليهم والاهتداء بسيرتهم وهديهم.
وهنا لا بد أن نطرح سؤالا: ما هي حقيقة الضلالة والانحراف وماهيتهما اللتين نفاهما القرآن عن الأنبياء (عليهم السلام)؟
بين القرآن حقيقة الضلالة في قوله تعالى: ﴿ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ولقد أضل منكم جبلا كثيرا﴾ (5) وفي خلال النهي الصريح في الآية عن عبادة الشيطان واتباعه ترى أن الآية قد اعتبرت أن جميع المعاصي والضلالات التي تحصل بواسطة إبليس هو انحراف وضلال، ولو أخذنا هذه الآيات