واحد، وهذا الأمر باطل ومرفوض.
٣ - قال تعالى: ﴿فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين﴾ (١).
هذه الآية تحكي قول الشيطان الذي حلف يمينا بأنه سيغوي العباد كلهم إلا المخلصين منهم، فلو كان الأنبياء (عليهم السلام) ممن تصدر منهم الذنوب حتى ولو كانت من الصغائر، فإنهم سوف يكونون في زمرة الغاوين والضالين، وليس من عباد الله المخلصين، وقد قرأنا خلال الآيات التي ذكرناها آنفا، إن الأنبياء هم الناجون والمخلصون كما قال تعالى: ﴿إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار﴾ (2).
وتلاحظ أيضا في ثنايا الآية المذكورة أن الشيطان اعترف وأقر بالعجز عن إضلال المخلصين من العباد وإغوائهم، وقد شهد الله تعالى لأنبيائه بأنهم من المخلصين، وضمن لهم منزلة الإخلاص، وأيدها لهم.
وهنا نستنتج: أن وساوس الشيطان وإضلاله لا سبيل لها إلى الأنبياء (عليهم السلام)، ولا تمسهم ببنت شفة.
وبناء على هذا فإنا نقطع بأن القول بصدور الذنوب من الرسل (عليهم السلام) وارتكابهم المعاصي قول باطل وسقيم وتحكم.
هب إننا نشاهد في بعض الآيات استشعار وقوع الذنب من بعض الأنبياء وارتكابهم المعصية، فإن ظاهر هذه الآيات يتعارض مع تلك الآيات الصريحة التي تنفي ارتكاب الأنبياء (عليه السلام) للذنب، بحيث لا يمكن الجمع بين هاتين الفئتين من الآيات، وعلى هذا يقتصر الحل الوحيد بأن نأول هذه الآيات إلى المعاني التي حددتها الآيات الصريحة من الفئة الأخرى والأحاديث الواردة في هذا الموضوع.
وقد تصدى العلماء للموضوع فألفوا كتبا في عصمة الأنبياء وقد جمعوا بين كلا الطائفتين من الآيات ومن ثم تأويل الآيات النافية إلى معان تتناسب مع هذه الآيات والروايات الصريحة في إثبات العصمة.