السلام عليك يا شهر الله الأكبر، ويا عيد أوليائه الأعظم. السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات، ويا خير شهر في الأيام والساعات. السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال، ونشرت فيه الأعمال. السلام عليك من قرين جل قدره موجودا، وأفجع فقده مفقودا، ومرجو آلم فراقه. السلام عليك من أليف آنس مقبلا فسر، وأوحش منقضيا فمض. السلام عليك غير كريه المصاحبة، ولا ذميم الملابسة.
السلام عليك كما وفدت علينا بالبركات، وغسلت عنا دنس الخطيئات. السلام عليك غير مودع برما، ولا متروك صيامه سأما. السلام عليك من مطلوب قبل وقته، ومحزون عليه قبل فوته. السلام عليك ما كان أحرصنا بالأمس عليك! وأشد شوقنا غدا إليك!. السلام عليك وعلى فضلك الذي حرمناه، وعلى ماض من بركاتك سلبناه.
وقال (عليه السلام): فنحن مودعوه وداع من عز فراقه علينا، وغمنا وأوحشنا انصرافه عنا.
وقال (عليه السلام): اللهم صل على محمد وآله واجبر مصيبتنا بشهرنا (1) ولقد رأيت في بعض آثار الصوفية:
أن الحسين بن منصور الحلاج كان ينوي في أول شهر رمضان ويفطر يوم العيد، ويختم القرآن في كل ليلة في ركعتين، وكل يوم في مأتي ركعة، وكان يلبس السواد يوم العيد ويقول: هذا لباس مأتم من يرد عمله.
فلعل هذا في مذهب استحقار الطاعة واستكبار المعصية في سبيل العبودية وجه آخر لاتخاذ عيد الفطر يوم مأتم.
وبالجملة: العارف إنما يتعيد بضاحية نهار العرفان، والعاشق إنما يتنورز بطلوع شمس وجه الحبيب في نيروز خلع الأجساد ورفض الأبدان.
جعلنا الله سبحانه من أهل سعادة لقائه. ومن المتبهجين ببهجة الاستضاءة بنوره والابتهاء ببهائه، بحرمة أخلائه من سفرائه، وأصفيائه من أوليائه.