عيدكم يوم الأحد، ثم اعتبروا شهر شوال تسعة وعشرين يوما، وشهر ذي القعدة ثلاثين يوما، أو بالعكس؛ إذ لا يكون ثلاثة شهور متتالية ثلاثين ثلاثين، فيكون غرة شهر ذي الحجة الحرام يوم الأربعاء ويوم النحر يوم الجمعة لا محالة.
وعلى هذا القياس، إذا غمت الأهلة وتحيرتم في يوم عاشوراء وقد كان هلال شوال ثابتا ويوم العيد متعينا عندكم، فاتخذوا يوم عيدكم بعينه يوم عاشوراء؛ وذلك لأن الأصل في ذلك الشهر الثابت أوله أن يكون ثلاثين يوما، وفي الشهرين الأخيرين من بعده أن يكون أحدهما ثلاثين، والآخر تسعة وعشرين يوما، وذلك فرضكم؛ فإنه وإن كان من المحتمل أن يكون كل منهما تسعة وعشرين إلا أنه لا يسوغ في الشرع اعتبار ذلك بمجرد الاحتمال فليفقه.
وثانيهما: أن يعكس اعتبار الوضع والحمل، فيعتبر تقديم الخبر تنبيها على ادعاء حصر مفهومه في المبتدأ مطلقا، أو على الكمال وبالحقيقة ويقال: لا يبعد أن يكون معناه أن يوم الصوم - أعني أول شهر رمضان - هو المحقوق عند المؤمن، والحقيق في مذهب خلوص الإيمان بأن يعد يوم العيد، وهو يوم الأضحى.
وأما عيد الفطر - وهو أول شوال - فحقه إذا ما كمل قسط الإيمان وتم نصاب استلذاذ العبادات والالتذاذ بها ولا سيما الصلاة التي هي معراج روع المؤمن، والصوم الذي جزاء العاشق العارف به لقاء القدوس الأحد الحق، ووصال المعشوق الجميل البهي القيوم النور المطلق أن لا يعد (1) عيدا، بل يحسب كأنه يوم عاشوراء، ومأتما لمضي شهر الرحمة لفيوض أرواقه، وحزنا على فواته، ووجدا على فراقه. فها دعاء الصحيفة الكريمة السجادية في وداع شهر رمضان لبيان هذا المعنى موضح ما أوضحه!
ومبين ما أبينه! حيث سماه سيد الساجدين العيد الأعظم لأولياء الله، فقال (عليه السلام) في وداعه: