وحاصل الجواب أن الجواز معلوم من خارج، والاستحباب أيضا معلوم من القواعد الشرعية الدالة على استحباب الاحتياط في أمر الدين، فلم يثبت شيء من الأحكام بالحديث الضعيف، بل أوقع الحديث الضعيف شبهة الاستحباب فصار الاحتياط أن يعمل به. واستحباب الاحتياط معلوم من قواعد الشرع. (1) انتهى قوله بعبارته.
قلت: ليته كان من الصحة والاستقامة على سمت الجادة وفي حريم السبيل فضلا عن حصافة المتانة والصلوح للتعويل. أليس من المتضح المنصرح أنه إن رام بإيقاع الحديث الضعيف الشبهة إيقاعه (2) الوهم أو الشك، كان على ما ادعاه لكنه غير مجد؛ إذ ليس ذلك موجب استحباب العمل أصلا، كما ليس وهم الجنابة أو النوم مثلا والشك في أحدهما بعد تيقن الغسل أو الوضوء يوجب استحباب ترك العمل باستصحاب حكم اليقين لتوهم استحباب الاحتياط في الدين.
وإن رام به إيقاعه (3) العلم أو الظن، فهو أول المسألة وحريم النزاع، بل من المستبين أنه ليس كذلك، ولو كان لكان يتم إثبات الحكم به، والمفروض المتفق على تسليمه وإذعانه خلافه.
وأيضا في تسويغ الاحتياط مطلقا بحث مستمر، وكلام دائر على ألسنة الفقهاء والأصوليين.
وإذا قلنا بالتسويغ فذلك مختص بسبق ثبوت شغل الذمة بالتكليف لدليل ناهض ومدرك شرعي، حتى يكون الاحتياط لحصول البراءة والخروج عن العهدة على اليقين. والنظر هنا في أصل ثبوت الاستحباب بالحديث الضعيف، والعمل بمقتضاه من بدو الأمر، ولا خلاف في عدم جواز الاحتياط في الدين بالعمل بمقتضى الاحتمال الموهوم أو المشكوك فيه ابتداء من غير نهوض دليل شرعي إجماعا.
وأيضا، المباح إنما يصير عبادة بالنية إذا كان له من جهته المنوية استحباب ثابت