المعقولات والمطلوبات أو أكثرها في أسرع وقت وأقصره، من دون تخريج مخرج، وتعليم معلم، بل بفضل من الله وتأييد من رحمته.
وثانيتها: أن يشتد لسره الاعتلاق والاتصال بذلك العالم، فيسمع كلام الله، ويتشبح له ملائكة الله، وقد تمثلت له على صورة يراها بإذن الله سبحانه، فيحدث له في سماعه صوت من قبل الله تعالى وروح القدس والملائكة، فيسمعه من غير أن يكون ذلك كلاما إنسانيا، وقولا بشريا، وصوتا من حيوان أرضي، بل هو إيحاء وتنزيل من لدن عزيز عليم به، صاحب الوحي والتنزيل، ذو معجزة قولية كريمة، وآيات علمية حكمية.
وثالثتها: أن تكون نفسه المقدسة الربانية - لقوتها القدسية - قوية بهية فعالة، كادت تكون متصرفة في العوالم الأسطقسية، تصرف النفوس في أبدانها، فتكاد هيولى عالم العناصر تطيعه بإذن الله تعالى، فيكون بذلك ذا معجزات فعلية، وأفاعيل خارجة عن طور العادة، خارقة لضوابط مذهب الطبيعة.
ثم مرتبة الوراثة والوصاية تجري في كمال جوهر النفس، واشتعال قوتها القدسية، وشدة إعتلاقها واتصالها، وتأكد علاقتها بذلك العالم مجرى مرتبة النبوة، وتستن بسنتها، وتتلو درجتها، وتنوب عنها منابها، إلا أنها ليست بمثابة تصحح للوصي تشبح الملائكة، وتمثل روح القدس له على صورة يراها ويعاينها، حتى يكون يتصحح له من ذلك سماع كلام الله تعالى بالوحي والإيحاء، على أن يكون هو الموحى إليه من دون توسيط الرسول، بل إنما الأوصياء والأئمة بعقولهم محدثون مفهمون - على البناء للمفعول من التحديث والتفهيم - فربما يسمعون الصوت ولكنهم لا يعاينون شخصا متشبحا.
وسيستبين لك في كتاب الحجة - إن شاء الله العزيز - باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث، وهم الوارثون معادن العلم، وولاة الأمر، وشهداء الله، وحججه على خلقه، وخلفاؤه في أرضه، وأبوابه التي يؤتى منها من بعد النبي، فالوصي خليفة