في درجة صيغة المفرد لشيء واحد هو إحدى تلك المراتب، على سياق ما في التنزيل الكريم من قوله عز قائلا: (ينساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن) (1) أي كجماعة واحدة من جماعات النساء.
وكذلك الأمر في " مصابيحا " و " مفاتيحا " و " دعائما ". وعلى هذا السبيل في التنزيل الكريم قوله سبحانه: (سلسلا) (2) و (قواريرا) (3) (قواريرا) على القراءة بالتنوين فيها جميعا. وهذا ألطف وأدق وأعذب وأحق من قول الكشاف: " وهذا التنوين بدل من ألف الإطلاق؛ لأنه فاصلة. وفي الثاني؛ لإتباعه الأول ". (4) كيف؟
وليس هو في حيز مسيس الحاجة إلى صرف الإطلاق ألبتة، وغاية ما يستحق أمر الإتباع من الاعتبار إتباع مقام الوصل لمقام الوقف لا أزيد من ذلك. وحذاء ممشاي مشى، ونظير مسيري سار حاذق تفتازان في تنوين " أولا " ولو كان مشفوعا بالموصوف في الذكر؛ حيث قال في كتاب التلويح: " إن انتصاب أولا وثانيا على الظرفية ". (5) وأما التنوين في " أولا " - مع أنه أفعل التفضيل بدليل الأولى والأوائل، كالفضلى والأفاضل - فلأنه هاهنا ظرف بمعنى قبل، وهو حينئذ منصرف لا وصفية له أصلا.
وهذا معنى ما قال في الصحاح:
إذا جعلته صفة لم تصرفه، تقول: لقيته عاما أول، وإذا لم تجعله صفة صرفته، تقول:
لقيته عاما أولا، ومعناه في الأول: أول من هذا العام، وفي الثاني: قبل هذا العام. (6) هذا قوله بألفاظه.