للمستثنى حكما مخالفا لحكم الصدر - وإن اعتبرت دلالته على النسبة النفسية، ففي الاستثناء - سواء كان من النفي، أو الإثبات - دلالة على أن للمستثنى حكما مخالفا لحكم الصدر وهو عدم الحكم النفسي الثابت في الصدر جمعا بين الأدلة.
فإن قيل: كما أن المخالفة في النسبة النفسية هي عدم الحكم النفسي، فكذلك في الخارجية هي عدم الحكم الخارجي، وقد ذكر أن في الاستثناء إعلاما بعدم التعرض وهو يستلزم عدم الحكم ضرورة، فيكون فيه دلالة على المخالفة.
قلنا: الإعلام بعدم التعرض للشيء ليس إعلاما بعدم ذلك الشيء، وعدم التعرض إنما يستلزم عدم الحكم الذكري، أو النفسي لا الخارجي. ومن الغلط الظاهر ما تفسر النسبة الخارجية بالنسبة اللسانية التي هي الذكر الحكمي.
ثم هاهنا بحث وهو أن ما ذكر لا يتأتى فيما هو العمدة في مأخذ الأحكام، أعني الإنشاء؛ لعدم دلالته على النسبة الخارجية فيلزم أن لا يكون " زيد " في " أكرم الناس إلا زيدا " في حكم المسكوت عنه، بل محكوما عليه بعدم إيجاب إكرامه بلا خلاف.
قلت: النسبة العقدية المحكية عن وقوعها أو لا وقوعها بالعقد النفسي والذكر اللهجي من حيث هي حقة في حد نفسها، واقعة في نفس الأمر، لا بتعمل واختراع من العقل يقال لها: النسبة الخارجية، ومن حيث خصوص تمثلها في الذهن وتطبع القوة العاقلة بها تطبعا إذعانيا - وإن كان ذلك المتمثل المذعن الواقع في الذهن واقعا في حد نفسه لا بتعمل العقل واختراعه، بل بإذعانه له وادراكه إياه - يقال لها: النسبة الذهنية النفسية المطابقة - بما هي ذهنية نفسية - لنفسها بما هي واقعة في حد نفسها، مع عزل النظر عن لحاظ العقل إياه وإن لم يكن تحققها الواقعي في نفس الأمر إلا تحققها في العقول والأذهان كما في العقود الذهنية.
فالنسبة العقدية مطلقا مطابق - بالفتح - بأحد الإعتبارين ومطابق - بالكسر - بالاعتبار الآخر ولا تفارق وتغاير بينهما بالذات، وخصوصيات أنحاء الوجود ملغة في المطابقية - بالفتح - والحقية في نفس الأمر في أنواع العقود على الإطلاق.