ولا شيئا مما عدا العلم، ولا الصلاة على وجه آخر من الوجوه المعتبرة فيها أصلا إذا حصلت مع الطهور.
والجواب عنه على ما قد قرر في علم المعاني من سبيلين، بل من سبل ثلاثة.
فإن من القصر قصر الموصوف على الصفة، وقصر الصفة على الموصوف، وكل منهما منقسم إلى: الحقيقي، والإضافي، والتحقيقي، والادعائي، وما على الحقيقة، وما على المبالغة. ف " ما زيد إلا عالم " ليس يصح حقيقيا تحقيقيا على الحقيقة، بمعنى أنه لا صفة له في نفس الأمر سوى العلم. وإنما يصح إضافيا ردا على من يزعم أنه جاهل، أو يردده بين العلم والجهل، ويعتقده عالما أو شاعرا مثلا. فأنت تثبت العلم وتنفي غيره مما يظنه مخاطبك.
أو حقيقيا ادعائيا لما أنك تجعل سائر الصفات بمنزلة العدم فتدعي أنه لا صفة له غير العلم.
أو تحقيقيا لاعلى الحقيقة، بل على مذهب المبالغة، كأنك تقول: إنه من كمال علمه كأن نفس حقيقته وجوهر ذاته وجميع صفاته العالم. فكأنه عين مجرد العالم لاغير.
وكذلك: " لا صلاة إلا باقترانها بطهور " إما حصر بالإضافة إلى عدم الطهور؛ ردا على من يتوهم أن الصلاة تصح إذا استجمعت سائر الشرائط غير الطهور، أو ادعائي؛ تنزيلا لسائر الشروط بالنسبة إلى الطهور منزلة العدم، أو للمبالغة في افتقار الصلاة إلى الطهور، كأنها من كمال الافتقار وشدة الاحتياج إلى الطهور لا مجال لها لأن تفتقر إلى غيره، كما قول القائل: " لا قضاء إلا بالعلم والورع " مفاده العرفي أن الشرط الأعظم في القضاء هو العلم والورع كأنه لا يحتاج إلا إليهما، إما لأنهما أقوى الشروط، أو لأنه - من شدة الاحتياج إليهما - لا يتفرع (1) للافتقار إلى غيرهما، فليفقه.