جنسه ما يضاهيه أو يدانيه، وكلما ازدادت أرواع أولي الأحلام في أفانين مدارجه بصيرة، ازداد ما عداه - مما يشاركه في جنسه - عنه بعدا وسقوطا ونأيا وهبوطا.
وكذلك فيما ورد عن سادتنا الطاهرين أمناء سر الله، وتراجمة وحيه، وسفراء (1) غيبه، وألسنة أمره ونهيه - صلوات الله وتسليماته على أرواحهم القادسة، وأجسادهم الطاهرة - في دقائق الحكمة، وحقائق التوحيد، ولا سيما ما سبيله ذلك عن باب الله الصافق، وكتابه الناطق، أمين الرحمن، وشريك القرآن، الذي مثابته من العقلاء والأصفياء مثابة الأحداق من الرؤوس، ونسبته إلى العلماء والحكماء نسبة المعقول إلى المحسوس، أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، باب أبواب المقاصد والمطالب، أبي السبطين علي بن أبي طالب - عليه من الصلوات نواميها، ومن التسليمات أناميها - في خطبه وأثنيته وأحاديثه وأدعيته على أساليب وحيانية، وموازين فرقانية، في بلاغة تحار فيها الأفهام، وبراعة تدهش منها الأحلام، ألمع المعجزات وأبهر الدلائل على الرسالة والسفارة، وأسطع الحجج وأنور البراهين على الوصاية والوراثة؛ لما فيها من غامضات العلوم، ومحارات (2) العلماء، وأمهات الحكمة، واصطلاحات الحكماء، مع أنهم (عليهم السلام) لم يختلفوا إلى محتشد أريب، ولا احتشدوا في محتفل الأخذ عن أديب، ولا كانت العلوم في عصرهم مدونة، ولا كتب الحكمة في زمنهم مترجمة. (3)