بأرض الغربة وسلب مصونات الأبدان وتركها عارية بغير أكفان، ومن ذا يتخلف عن المساواة للملوك الهداة، ومن يؤثر أن يكون محمد في مجلس العزاء مع الأنبياء والأولياء، على مصابه بثمرة فؤاده بمخالفة مراده، وبتلف ما جاء به من الشريعة، وبما تجدد من الأمور الفظيعة، ولا يشاركه في عزائه والبكاء على ذريته وأبنائه.
وأي عين تبخل بدموعها المخزونة، وأي قلوب لا تبكي ولا تحزن لهتك الوجوه المصونة، وأي يد لا ترتفع نادية وشاكية، وأي السنة لا تنطق بالواعية.
عباد الله تفكروا (1) لو كان هذا قد جرى على أولادكم وأطفالكم ورجالكم وبناتكم وحرماتكم، فانظروا ما كنتم صانعين وعاملين، فلا يكن من يعز عليكم أعز ممن على سيد المرسلين، ان كنتم تريدون ان تكونوا من أهل الوفاء لخاتم الأنبياء وان تسكنوا معه في دار البقاء، فان كل من فارقه في مصائبه واحزانه، كيف يرجوا ان يلقاه باحسانه أو يسكن معه في دار رضوانه وأمانه، هيهات هيهات ان يشارك أيام الرخاء، الا من واسا أيام البلاء، فلا يهن عندكم ما لم يهن على الله جل جلاله وخاصته، وكونوا رحمكم الله على أعظم موافقة الله عز وجل في غضبه لهتك حرمته، وعلى أتم صفة من مشاركة رسوله صلوات الله عليه وآله فيما جرى عليه لسفك دماء ذريته، واطلبوا في الليل والنهار وفي الأسحار الاخذ بهذا الثار، والظفر بما وعد الصابرين والمجاهدين من المسار والمبار.
وأقول: أحسن الله عزاء محمد صلوات الله عليه وعزاء كل من شاركه فيما جرت الحال عليه، وأحسن عزاكم أيها الحاضرون، وانا لله وانا إليه راجعون.
فصل (12) فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء اعلم أنه إذا كان المقصود بزيارة الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء بعد قتله