يهجمون على الحرم والأطفال بالقتال والاستيصال، وهو صلوات الله عليه مع ما جرت الحال عليه يدعوهم إلى الله جل جلاله، ويحذرهم من القدوم عليه، ويذكرهم بلقاء جده لهم يوم القيامة صلوات الله عليه، وعقولهم قد هربت بلسان الحال منهم، وقلوبهم قد ماتت بسيف الضلال الذي يصدر عنهم.
فلم يرحموا حرمة لوحدتها ولا أسرة لضعف قوتها، ولم يقفوا موقف مروة ولا حياء ولا اخوة ولا وفاء، وقصدوا نحو الحسين عليه السلام يقتلونه وحيدا فريدا من الأنصار قتل أهل العداواة، ولا يستحيون من وحدته وانفراده وضعف جلده عن الذي يريده من جهاده، فرموه بسهامهم وسعوا إلى سفك دمه بأقدامهم.
وكاد لسان حال سيد الأنبياء وفاطمة الزهراء وابنها الحسن المسموم بيد الأعداء، ان يعجزوا عن احتمال ذلك البلاء والابتلاء، وشققت الجيوب وبكت العيون، وقال لسان تلك الأهوال: ان هذا لهو البلاء المبين، واشتغلت عقول الأبرار وقلوب الأطهار في الجلوس على بساط العزاء واجتماع أرواح الأنبياء والأولياء وإقامة سنن المصائب والمأتم وما يليق بتلك النوائب والعظائم.
فلم يزل أهل الضلال على قدم التهوين بالله وبرسول الله وبولي الله ونائب الله وابن نبي الله وحجة الله، حتى اثخنوه (2) ضربا بالسيوف وطعنا بالرماح ورميا بالسهام وجهدا باقدام بعد اقدام، حتى سمحت جواهر وجوده بمفارقة روحه ولقاء مالك سعوده.
فرماه الطغاة عن فرسه إلى التراب على خده العزيز العزيز عند رب الأرباب العزيز العزيز، عند جده محمد مالك ملوك ذوي الألباب العزيز العزيز، على أبيه الذي أقامهم على منابر الاسلام ووطأ لهم مواطئ الاقدام العزيز العزيز، على أمه فاطمة سيدة نساء العالمين العزيز العزيز، على أخيه الحسن سيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين العزيز العزيز، على الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، فوضع بلسان الحال كل عبد من أهل الاقبال خدودهم على تراب المواسات، وندبوا وبكوا واستغاثوا لقتل أهل النجاة