ديني يا أرحم الراحمين (1).
فصل (10) فيما نذكره من وصف أهوال يوم عاشوراء يا له من يوم كسفت فيه شموس الاسلام والمسلمين، وخسفت به بدور الطاهرين، ورجفت فيه اقدام أهل اليقين، وطأطأ الاسلام رأسه ذلا وجزعا بلسان الحال من تلك الأهوال، وناح لسان حال الشرائع والاحكام، وكاد ان يموت ضوء النهار ويحيى أموات الظلام، وبهتت العقول السليمة وعادت (2) لعزلها عن ولايتها، وشقت جيوب القلوب المستقيمة لغلبتها على امارتها، وتبرأت الباب المحاربين لذرية سيد المرسلين من أصحابها، وشكت إلى الله جل جلاله على مصابها.
وعقدت ألوية العار على كل عاذر وخاذل، ووسمت جباه الشامتين باستحقاق كل هول هائل وخطب شامل، وأشرف الملائكة والأنبياء والمرسلين ومحمد صلوات الله وسلامه عليه وعترته المظلومون، من مناظر التعجب يطلعون ويسترجعون مما قد بلغت الحال إليه، وعجزت القوة البشرية عن احتمال ما أقدم الأعداء عليه.
وقال لسان حال الرسول الداعي لكل سامع وواع، الساعين إلى سفك دمه الشريف بسوء المساعي: إذا لم تجاوزنا على الاحسان، ولم تعترفوا لنا بحق العتق من الهوان ومن عذاب النيران، ولم تذكرون لنا بسط أيديكم على ملوك الأزمان، وما فتحنا عليكم من أبواب الرضوان والجنان، فارجعوا معنا إلى حكم المروة والحباء وعوائد الكرم في الجاهلية الجهلاء أولا، فلا تكونوا لنا ولا علينا، فما الذي حملكم على العداوة لنا والاقدام على القتل لنا والتشفي بالإساءة إلينا.
فناداه لسان حال الشفقة على قلبه المصدود: القوم أموات ولست بمسمع من في القور.