وكراهاتك في هذه الليلة السعيدة، على نية انها عبادات الله جل جلاله خالصة لأبوابه المقدسة المجيدة، كما انك إذا جالست فيها أعظم سلطان في الوجود، فان نفسك مراغبة لرضاه، كيف كنت من قيام وقعود ومأكول ومشروب ومطلوب ومحبوب، ولا يكلفك الله مالا تقدر عليه، بل ما يصح منك لسلطان هو مملوكه ومن أفقر الفقراء إليه، وان غلبك نوم فيكون نوم المتأدبين بين يدي رب العالمين، الذين يقصدون بالرقاد القوة على طاعته وزيادة الاجتهاد.
وتسلم أعمالك فيها بلسان الحال والمقال إلى من يكون حديث تلك الليلة إليه، من الحماة والخفراء في الأيام والأعمال، ليتم ما نقص عليك ويكون فيما تحتاج إليه من الله جل جلاله شفيعا لك وبين يديك.
فصل (14) (فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب وصومه روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه فيما ذكره في كتاب ثواب الأعمال وأماليه فقال ما هذا لفظه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
الا أن رجب شهر الله الأصم (1) وهو شهر عظيم، وإنما سمي الأصم لأنه لا يقاربه (2) شهر من الشهور حرمة وفضلا عند الله وكان أهل الجاهلية يعظمونه في جاهليتها، فلما جاء الاسلام لم يزده الا تعظيما وفضلا، الا ان رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي.
الا فمن صام من رجب يوما ايمانا واحتسابا استوجب رضوان الله الأكبر، وأطفأ صومه في ذلك اليوم غضب الله، وأغلق عنه بابا من أبواب النار، ولو اعطى ملأ الأرض ذهبا ما كان بأفضل من صومه، ولا يستكمل اجره بشئ من الدنيا دون الحسنات إذا أخلصه لله، وله إذا أمسى عشر دعوات مستجابات ان دعا بشئ من عاجل الدنيا