فعاشوا من موت الجهل وظفروا بفوائد العقل والنقل.
ثم دعاه الله جل جلاله إلى لقائه وخلف فيهم نور اهتدائه من يقوم لهم مقامه بعد انتقاله إلى دار بقائه، ويحفظ عليهم شريعته واحكامه، فخذلوا القائم مقامه، حتى انتقل إليه مقتولا مظلوما، واختلفوا على من قام مقامه ثانيا، حتى مضى إلى ربه مقتولا مسموما.
ثم بقي فيهم الثالث فعرفهم انه سيد شباب أهل الجنة، وشرفهم بما لله جل جلاله ولرسوله عليه السلام عليهم في ذلك من المنة، وكان جواب الله جل جلاله منهم على ذلك الانعام وجزاء محمد صلوات الله عليه على الشفاعة فيهم والقيام بهم والاهتمام، انهم كاتبوه واخرجوه من أوطانه وأخافوه بعد أمانه، واتخذوا الدعاة إلى أصنامهم، والذين كانوا من أسباب استحقاق اصطلامهم، أئمة لضلالهم وقادة إلى دار هلاكهم ووبالهم.
وشرعوا إلى عداوة الداعي لهم إلى السلامة والهادي إلى دار الكرامة ودوام الإقامة، واقبلوا مع عدو الله وعدوهم يريدون قتل ابن بنت رسولهم ونبيهم، وهم يعلمون انه قطعة من لحم جسده وبضعة من فؤاده وكبده.
فادكرهم صلوات الله عليه بالحقوق السالفة والحاضرة، وما لله جل جلاله بجده وأبيه وبه، من النعم الباطنة والظاهرة، فعادوا إلى العمى الذي كانوا عليه ولم يلتفتوا إليه، فسألهم ان يتركوه حيا للدنيا كسائر الاحياء والا يكونوا له ولا عليه في نصرة الأعداء، فأبوا الا ان يبيحوا ما حماه الله جل جلاله من محارمه، ويسعوا في سفك دمه. فغضب الله جل جلاله عليهم، فدعاه إلى شرف السعادة بالشهادة، وان يتركهم وما اختاروه من ضلال الإرادة.
فأسرعوا وسعوا إلى حمى الله جل جلاله ليهتكوه، والى دم رسوله الجاري في أعضاء ولده ليسفكوه، واقدموا على نائب الله جل جلاله فيهم لما دعاهم لما يحييهم، يريدون قتله عمدا ويأتون ما يكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا.
وأدركت السعادة قوما ليحولوا بينهم وبين ما اقدموا عليه، وغضبوا لله جل جلاله لما